تطلق عبارة العنف الرياضي على الأعمال والممارسات الموجهة ضد الدولة
أو المنظمات أو الهيئات الرياضية وضد الأفراد أو المجموعات الخاضعة تحت
سيطرتها.
ويرتبط موضوع العنف الرياضي ضد الأشخاص بالوضع الرياضي الذي يعيشون
في ظله.
ولابد أن يؤثر ذلك وبشكل كبير على شخصية الشباب العربي وعلى
سلوكياته وفى تعاملهم مع ذاتهم ومع قضاياهم الحياتية العامة والخاصة.
وتختلف أشكال العنف طبقًا لطبيعة النشاط الرياضي الممارس، بل يمكن
القول إن العنف والعدوان يختلفان فى دلالتهما من رياضة لأخرى.
كما يمكن تقسيم الأنشطة الرياضية فى ضوء درجة العنف الذي يتضمنه كل
نوع من هذه الأنشطة الرياضية.
فعلى سبيل المثال لا يمكن مقارنة العنف الرياضي الحادث في أنشطة،
مثل: الملاكمة بالعنف الرياضي فى أنشطة، مثل: كرة اليد أو كرة السلة،
كما لا يمكن مقارنة العنف الرياضي في أنشطة، مثل: هوكي الانزلاق بالعنف
الرياضي في أنشطة، مثل: الكرة الطائرة.
وقد احتدم الجدل حول بعض الأنشطة الرياضية التي ترتبط بقدرٍ كبير
بالعنف وبصفة خاصة رياضة الملاكمة، ففي يوليو سنة 1992م، احتج التحالف
الدولي لمكافحة الترفيه المرتبط بالعنف، والتحالف القومي لمكافحة العنف
المعروض في التلفاز بالولايات المتحدة الأمريكية، لدى اللجنة
الأوليمبية الدولية على إدراج لعبة الملاكمة ضمن الألعاب المدرجة
بالدورة الأوليمبية ببرشلونة سنة 1992م، وطالبوا بإلغائها من برنامج
الدورة.
فعلى سبيل المثال، قد يعانى لاعب كرة القدم من الإحباط عندما تتم
مهاجمته بنجاح أو في حالة فشله فى خداع منافسه، وكذلك لاعب الكرة
الطائرة قد يعانى من الإحباط عندما يفشل في أداء ضربة ساحقة، ولاعب كرة
اليد قد يصاب بالإحباط عندما يعجز عن إصابة هدف.
ومما سبق، فإنه يبدو معقولاً أن نفترض أن المنافسة الرياضية في ضوء
ما تتميز به من خصائص تعتبر من العوامل التى قد تثير السلوك العدواني
لدى اللاعبين.
كما أن التركيز المغالى فيه على الفوز فى المنافسات الرياضية من بين
العوامل التى قد تدعم العنف لدى اللاعبين، والذى قد ينجم عنه محاولة
بعض اللاعبين تفسير قواعد وقوانين المنافسة الرياضية بصورة تسمح بقدرٍ
أكبر من الحرية للتجاوزات، وبالتالى حدوث العنف.
كما يعتبر الرياضيون أن قواعد المنافسات هى بمثابة عراقيل ويحاولون
تعلم كيفية الاحتيال عليها، وقد يتدرب بعضهم على ارتكاب بعض المخالفات
التى تتسم بالعنف والتى يصعب على الحكام أو القضاة ملاحظتها.
ومن جانب آخر، فإن التركيز المغالى فيه على الفوز فى المنافسات قد
يدعم الاتجاه نحو التمسك بمبدأ: الغاية تبرر الوسيلة، وبذلك تزداد
المخالفات ويزداد العنف ... نظرًا لأنه كلما زادت أهمية الفوز بالنسبة
للاعب إلى درجة مغالى فيها كلما ارتبط ذلك بالميل نحو مخالفة القواعد
والميل للعنف والعدوان.
كما طالبوا بإلغاء هذه اللعبة فى جميع المنافسات الرياضية الدولية
المستقبلية على أساس أنها رياضة تسمح بتقنين العنف والعدوان، وهو الأمر
الذى يمكن أن يؤدى- على المدى البعيد - إلى أضرار بالغة للملاكمين،
وكذلك التأثير على الروح الإنسانية بصورة سلبية وزيادة العنف والعدوان
لدى الملايين من المشاهدين لهذه الرياضة.
وأشاروا إلى البحث الذى قدمه جوردون راسل Russell G.، من جامعة
لثبروج بكندا، والذي أسفرت عن أن مشاهدة عروض رياضة الملاكمة للمحترفين
والهواة في التلفاز تساعد بدرجة كبيرة على إظهار درجات عالية من العنف
لدى المشاهدين.
كما تم تقديم نتائج 19 بحثًا، أشارت جميعها إلى أن الملاكمة تسهم فى
زيادة النزعة نحو العدوان والعداوة لدى المشاهدين لها.
بالإضافة إلى 20 دراسة أخرى أوضحت حدوث أضرار بالمخ لدى الملاكمين
المشاركين فى منافسات الملاكمة نظرًا لأن حوالي 66% من اللكمات توجه
للرأس.
كما أوضحت نتائج الدراسة التى أجراها جفرف جولدستين Goldstein، من
جامعة تمبل - فيلادلفيا -، العلاقة بين اشتراك الدول فى منافسات
الملاكمة بالدورات الأوليمبية ونزعتها الحربية أو اتجاهها نحو الاشتراك
فى الحروب.
وقد أشارت دراسة أجراها دافيد فيليبس Phillips D.، من جامعة
كاليفورنيا عن تأثير بطولات الوزن الثقيل فى الملاكمة للمحترفين فى
التلفاز الأمريكى على المشاهدين بالولايات المتحدة الأمريكية، والتى
أظهرت أنه عقب أيام من هذه المشاهدات يرتفع معدل القتل والجريمة بنسبة
13% فى أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
وأيد الرغبة فى إلغاء لعبة الملاكمة سواءً للمحترفين أو للهواة -
الجمعية الطبية العالمية والجمعية الطبية الأمريكية والجمعيات الطبية
فى كلٍ من كندا، بريطانيا وأستراليا.
كما أشاروا إلى إصابة المنافس وأن الدراسات قد أظهرت أن حوالى من
60% إلى 87% من الملاكمين المحترفين الذين قضوا سنوات طويلة فى اللعب
لديهم على الأقل ضمورًا أو أضرارًا فى المخ، وليس بأدل على ذلك من
البطل العالمي محمد على كلاي، كما أشاروا إلى أن رياضة الملاكمة للهواة
أقل ضررًا بكثير من رياضة الملاكمة للمحترفين.
وفى ضوء هذه الاحتجاجات ... وغيرها بادر الاتحاد الدولي للملاكمة
للهواة بحملة عالمية للجان الأوليمبية الوطنية للتعريف بأهمية رياضة
الملاكمة للهواة، وأن فوائدها أكثر من أضرارها ولا تقارن بأية حال
برياضة الملاكمة للمحترفين.
وقام الاتحاد الدولى للملاكمة للهواة بإدخال العديد من التعديلات
على قانون وقواعد اللعبة، مثل:
• زيادة وزن القفاز.
• إيقاف اللكم فى حالات الضربات المؤثرة على اللاعب.
• تعديل واقى الرأس بصورة تسمح بحماية الملاكم بدرجة كبيرة.
• إعلان نتائج الجولات أولاً بأول حتى لا يحاول الملاكم الفائز
بالنقاط فى الجولة الأولى أو الثانية إنهاء المنافسة بالضربة القاضية.
وكذلك بعض التعديلات الأخرى المرتبطة بزمن الجولات، وتعديلها إلى 4
جولات كل جولة مدتها دقيقتان.
وقد أثمرت هذه الإجراءات التي قام بها الإتحاد الدولي للملاكمة
للهواة عن اقتناع اللجنة الأوليمبية الدولية بإدراج الملاكمة ضمن
برنامج الدورة الأوليمبية ببرشلونة سنة 1992م، والدورة الأوليمبية
بأتلانتا سنة 1996م.