السحر .. هو كل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته ويجرى مجرى الخداع . وتاريخ السحر قديم قد الإنسان على الارض ، ولقد عرفت الأمم السابقة السحر ، وكل الأمم السابقة عندما أرسل إليها الرسل واتهم الرسول بالسحر والجنون ، تصديقاً لقوله تعالى :
] كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) [ [سورة الذاريات 52]فدل ذلك على أن السحر قديم .
وأصل السحر : صرف الشىء عن أصله أو حقيقته إلى غيره ، فكأن الساحر لما قدم الباطل فى صورة الحق وخيل الشىء على غير حقيقته قد سحر السىء عن وجهه أى صرفه .
وهو شرعاً : عزائم ورقى وعقد توثر القلوب ، ولابد ان تمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه قال تعالى : ] فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ [ [سورة البقرة 102]
وقد أمرنا الله عز وجل بالتعوذ من السحر وأهله فقال سبحانه : ] وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ (4) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) [ وقد وصف الله سبحانه وتعالى السحر بالعظيم عندما قال تعالى : ] وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) [ [سورة الأعراف 116]
باب أنواع السحر
لكى يقوم الساحر بعمل السحر فإنه لابد أن يعرف اسم الشخص المطلوب سحره واسم أمه ثم يقوم بعملية حسابية لرصد فلكى مطلوب له وأن يعرف عن طريق الحسابات البرج الذى يناسب المطلوب السحر له .
(ولذلك يقسم السحر إلى أقسام رئيسية حسب الأبراج ومنها )
1- السحر الترابى : وهو السحر الذى يدفن فى التراب وفى المقابر وتحت الموتى وفى الطرقات وفى البيوت وفى الأماكن المهجورة وفى الجبال .
2- السحر المائى : وهو سحر يوضع أ يدفن تحت البحار وفى المياو الراكدة أو المياة الجارية كالترع أو المصارف .
3- السحر النارى : وهو سحر يوضع فى النار أو بالقرب من موقد نارى مشتعل بحيث يمسه الحرارة لمدة طويلة ويسبب أضراراً سريعة .
4- السحر الهوائى : وهو سحر يعلق فى الهواء سواء كان على شجرة أو مكان مرتفع وفى اتجاه الرياح ويتحرك مع الهواء باستمرار .
(وهناك أنواع من السحر منتشرة ومعروفه وتندرج تحت الأنواع الرئيسية السابقة – ومنها) :
1- السحر المأكول أو المشروب : ويوضع للمسحور فى الطعام أو الشراب ليتناوله .
2- السحر المرشوش : هو سائل ينفث فيه الساحر ويرش إما على العتبات والمداخل أمام المنازل أو على الجسد أو على الملابس .
3- سحر النزيف : وهو سحر بسبب تزول دم مثل دم الحيض غالباً ولا ينقطع وليس له علاج طبى .
4- سحر الربط للزوجين : وهو عقد وتنفيث من الساحر ويسبب عدم انتصاب العضو الذكرى للزوج ويسبب انسداد رحم الزوجة .
5- سحر الأثر : مأخوز من أثر المسحور مثل شعره أو أظافره أو ملابسه أو ماء الوضوء له وينفث عليه الساحر .
6- السحر المنثور : ينفث عليه الساحر وينثر فى المنزل أو الغرفة المراد إيذائها .
7- سحر الطلسمات : وهو أسماء أو رموز أو طلاسم أو مربعات تكتب وتعلق ولا يعرفها المسحور .
8- السحر المرصود : يرصد بطلوع نجم أو اقتران كوكب أو ظهور اختفاء القمر .
9- سحر التخيل : هو تخيل أشياء لا وجود لها وهى بسبب الجن الموجود .
10- الربط عن الزواج : هو ربط الفتيات عن الزواج من الرجال والعكس فى الرجال من الزواج من الفتيات .
11- سحر التفريق : هو تفريق بين الزوجين أو الأخوات أو الأب وأبنائه .
12- سحر العين : هو من أشد الأسحار والحسد مذكور وعلاجه الإخلاص والمعوذتين والرقية الشرعية .
13- سحر المحبة : أن يعقد الفتاة لمحبة شخص معين أو الشخص بعقد فتاة معينة .
14- سحر الشهوات : وهو الانكباب على الشهوات والرزائل .
15- سحر الربط عن الخلفة : وهو ربط السيدات عن الحمل أو الإنجاب ولا علاج طبى لها .
16- سحر البغضة والطلاق : وفيه يرى الزوج زوجته قبيحة المنظر أو ترى الزوجة زوجها كذلك قبيح المنظر ولا يطاق أحدهم الآخر ويطلبان الطلاق وبدون أى سبب .
أنواع السحر :
ينقسم السحر إلى ثلاث أنواع :
الأول : سحر التخيل :
وهذا النوع من السحر يستعمل فيه الساحر عنصرين مؤثرين فى الخيال ، فيستطيع الساحر أن يتصرف فى خيال المسحور كيفما يشاء فيريه ما يريد . وهذان العنصران هما :
1- سحر العيون : وذلك مثل ما حدث لقوم موسى حيث انهم رأوا الحبال والعصى وهى تمشى وهى فى الحقيقة ثابتة لا تتحرك ولكن سحرت أعينهم فصاروا يرونها تتحرك وتسعى ، قال تعالى ] فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوَهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) [ [سورة الأعراف 116] وقال تعالى : ] يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) [ [ سورة طه 66] وهذا يعنى أن الذى حدث لهم تم عن طريق السحر .
الثانى : السحر المؤثر :
وهو عبارة عن عزائم ورقى وعقد وطلاسم شيطانية ، من خلال اتفاق بين الشيطان من الإنس والشيطان من الجن .
وهذا النوع من السحر هو أخطر أنواع السحر ، حيث يؤثر فى الأبدان والقلوب فيؤدى إلى المرض والقتل والإيذاء ويفرق بين المرء وزوجه ، ويؤدى إلى إيقاع العداوة والكراهية بين الناس ، ولذلك أمرنا الله سبحانه وتعالى بالاستعاذة منه فى قوله تعالى
] وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ [، وإذا لم يكن السحر حقيقة لما أمرنا الله بالاستعاذة منه . والسحرة إذا أرادوا أن يصنعوا السحر فإنهم يحضرون الخيوط ويعقدون العقد وينفثون على تلك العقد حتى يتم لهم ما يريدون ، وللشيطان دور كبير فى الأمر ، حيث يعاونهم ويقدم لهم المساعدة فى هذا العمل السيىء قال تعالى : ] وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [ [ سورة البقرة 102] ومعنى النفث هو النفخ مع رزاز خفيف دون التفل ، والنفث يكون بفعل الساحر حيث تختلط
روحه الخبيثة المليئة بالشرور كل العقد ، ويعاونه إبليس اللعين فيجتمع الخبث على هذه العقد فتؤثر فى الشخص المراد ولكن كل ذلك بعلم الله وإذنه قال تعالى : ] وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ [ [سورة البقرة 102] ومعنى ذلك أن السحر إن كان حقيقة ومهما عظم شأنه فإنه كل شىء يحدث منه فهو بإذن الله وعلمه ، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور جل جلاله وعظم سلطانه .
كيف ومتى يصاب الإنسان بالسحر ومس الجان : فى البداية يأتى الناس إلى الساحر وهم يعتقدون ان بيده القدرة على عمل ما لا يستطيع غيره أن يفعله ، ويعتقدون أنه يعالج الأمراض ويستخدم القرآن ، ولكن السحرة يدنسون القرآن الكريم ويكتبون آيات القرآن بطريقة عكسية (بالقلوب) وعندما يرى الناس الآيات القرآنية المكتوبة على الأحجبة والتمائم فإن قلوبهم تطمئن ، وهم لا يعلمون أنهم واقعون بين أيدى سحرة ، ويحدث هذا لمعظم الناس الذين يجهلون العلم الشرعى بأمور دينهم حتى وإن علا تعليمهم الدنيوى ووصلوا إلى أعلى المناصب العلمية فضعيف الإيمان لديهم بالقضاء والقدر جعلهم يعتقدون أن هؤلاء السحرة يستطيعون أن يغيروا قضاء الله وقدره ، لذا يجب على المؤمن أن يكون قريباً من الله مطيعاً له عز وجل ، ولذلك نجد أن الساحر كلما بعد عن الله اقترب من الشيطان حتى يسخر له الشيطان بعض المردة ليكونوا فى خدمته من أجل إيذاء الناس
ويتم السحر عندما تقوم الأرواح الشريرة من الشياطين المردة بربط السحر فى جسد المسحور ، وهذه الأرواح الشريرة تكون فى خدمة وحراسة هذا السحر ، فيتابعون المراد سحره حتى يجدوا الفرصة المناسبة فيدخلون إلى جسده المراد سحره .
وبعد ذلك يقومون بالتنكيل بهذا المريض المسحور ، وتنفذون أوامر الساحر فى إيذائه ، ولا ينفك عن المسحور هذا الإيذاء إلا بطل السحر ، ويتم فك هذه العقد بإذن الله عز وجل ، وفى الغالب يستخدم الساحر بعض المواد الخبيثة فيتم دفنها فى الأرض ، أو توضع فى أماكن خفية أو تلقى فى البحر حتى لا يعرف مكانها فتبطل .
أما إذا كان السحر من الذى يوضع فى الطعام او الشرباب فإن الساحر بعد أن يتم عمل السحر ، يقرأ عليه بعض الطلاسم السحرية ، وتوضع للشخص المراد سحره فى طعامه أو شرابه ، لتستقر فى بطنه فتقوم بجذب الروح الخبيثة فى ذلك الجسد ، لأداء المهمة التى من أجلها تم السحر .
فإذا كان للتفريق بين المرء وزوجته ، فيقوم الساحر بعمل أشياء تؤدى إلى نفور الرجل من زوجته ولا يطيق أن يراها أو العكس ، أو تكون العصبية والنفور هى السمة الغالبة على العلاقة بينهما .
وقد يكون السحر من أجل المرض فيسبب للمسحور آلاما شديدة فى جسمه وأحيانا تؤدى إلى الشلل التام .
النوع الثالث : السحر المجازى :
وهذا النوع من السحر يقوم على خفة اليد والتميه والخداع والكذب على ضعاف النفوس والإيمان ، وهو المعروف فى هذه الأيام بالدجل والشعوذة .
علاقة الساحر بالشيطان :
عندما نتكلم عن العلاقة بين الساحر والشيطان ، نجد انهما قرينان التقيا على معصية الله والخروج على طاعته ، وإيذاء عباده وإشاعة العداوة والحقد والفرقة بين الناس .
لذلك إذا تعرفت على الساحر عن قرب تجد أن حياته الشخصية كلها شقاء وتتسم بعدم الاستقرار داخل بيته أو مع نفسه ومن الصعب عليه أن ينام هادئ البال ، بل أن نومه كله قلق وتوتر ، وأحياناً لا تتركه الشياطين فى حاله بل تؤذى أولاده وزوجته ، وتكون حياته متوترة وغير مستقرة . تصديقاً لقوله تعالى ] وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ
أَعْمَى (124)[ [سورة طه 124] .
والشيطان لايقدم المساعدة للساحر ، بل يقوم الساحر بتنفيذ ما يأمر به الشيطان ، من أمور فيها عصيان لله عز وجل ، وكلما عصى الساحر ربه كلما كان الشيطان أكثر طاعة ومساعدة له ، وإذا قصر الساحر فى تنفيذ أوامر الشيطان امتنع عن خدمته . وهؤلاء السحرة يدعون علم الغيب ويستحضرون الجن ليستعينوا به على إيذاء الناس وعذابهم والتفريق بينهم ، فهؤلاء حكمهم الكفر والضلال لقول الرسول r : ( من اتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقوم فقد كفر بما أنزل على محمد )r "رواه أبو داود
وروى مسلم فى صحيحه أن النبى r قال : (من اتى عرافاً فسأله شيئاً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ) . والنبى r جعل السحر من الموبقات السبع ، لخطره الشديد على الإنسان ، والذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ، وليس لهم عند الله إلا الخسارة فى الدنيا والآخرة ، لأنهم باعوا أنفسهم للشيطان ببخس الأثمان ، وقد ذمهم الله سبحانه وتعالى بقوله : ] وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)[ [سورة البقرة 102] وهذا الثمن البخس الذى يحصلون عليه لا يساوى ساعة من عذاب الآخرة . وبناء على ذلك فإننى أتوجه إلى كل أخ أو أخت أصابه أو أصابها مكروه عدم التوجه إلى هؤلاء السحرة لأن الرسول rنهى عن الذهاب إليهم ، كما أن الله سبحانه وتعالى هو الذى أنزل الداء وأنزل معه الدواء ، والذى يفكر قليلاً يجد الدواء قريباً منه جداً فى كتاب الله عز وجل القائل فى آياته : ] وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82)[ [سورة الإسراء 82]